أتعهد أنه ليس لعاملتي أي علاقة زواج أو ارتباط من أي نوع في لبنان

أخبار ومستجدّات
دولة الكوارث
***
 
في غضون هذا العام، تلقى كتاب العدل من وزارة العدل تعميما بشأن التعهد الذي يفترضبصاحب العمل توقيعه لديهم في اطار الحصول على اقامة للعاملة أو تجديدها. وبموجبه، يطلب من صاحب العمل أن يتعهد تجاه المديرية العامة بعدم وجود “أي علاقة زواج أو ارتباط من أي نوع كان تربط العاملة (…) باي شخص عربي او أجنبي مقيم على الاراضي اللبنانية”. كما يتعهد أنه “في حال تبين لاحقا وجود اي علاقة زواج حصلت بعددخول العاملة مراجعة الامن العام بعد تأمين تذكرة سفر بغية ترحيلها الى بلدها”. وقد تم توجيه التعميم بناء على طلب من الميدرية العامة للأمن العام. وهذا التعهد يستدعي ملاحظات عدة:
 
أولاً، أنه يأتي استكمالا لقرار سبق للمديرية العامة للأمن العام واتخذته في نهاية العام الفائت يقضي برفض تجديد اقامات أولاد العاملات في الخدمة المنزلية المقيمين في لبنان[1]. بل هو استكمال لاجراءات التمييز ضد عاملات المنازل بهدف حرمانهن من أي حياة عاطفية أو عائلية. فبخلاف المستخدمين الأجانب من الفئة الأولى أو الثانية، تمنع عاملة المنزل (الفئة الرابعة) من استقدام عائلتها. وها هي تُمنع بموجب هذا التعهد عن انشاء أي عائلة أو اقامة أي علاقة حميمية أو علاقة صداقة في لبنان. فاذا حصل ذلك، وجب ترحيلها فورا. وكأنما المطلوب أن تبقى العاملة مقطوعة من شجرة، ومجرّدة من أي سند.
 
ثانيا، ان أخطر ما يأتيه هذا التعهد يتمثل عمليا في تكليف أصحاب العمل (الكفلاء) بالتحرّي على حياة العاملات الشخصية واستباحتها. وهو تحر يتطلب اجراء استقصاءات تتجاوز مجرد الاطلاع على السجلات الرسمية العائدة للعاملة والتي تفيد فيما إذا كان الفرد متزوجا أم لا. فالمطلوب هو التأكد من أنها “ليست على ارتباط بأي شخص عربي أو أجنبي على الأراضي اللبنانية”. وللتوصل الى معلومة كهذه، لا بد من تحويل حياة العاملة الخاصة الى شأن من شؤون أصحاب العمل، بحيث يكون لهم حق في الاطلاع عليها بل واجب القيام بذلك. وبهذا تكون المديرية العامة للأمن العام تشرع سلوكيات التلصص وخرق خصوصية العاملات مثل التدقيق في هواتفهن ورسائلهن ومكالمتهن ومعرفة أماكن تمضية اجازتهن..الخ. وعليه، وبعدما أدى أصحاب الأمن دور أعوان الأمن في التبليغ عن أي فرار، ها هم يكلّفون بدور جديد قوامه تبليغ الأمن عن أي مستجدّ في الحياة الخاصة للعاملات لديهم، مع ما يستتبع ذلك من تعزيز لسلطتهم وامتيازاتهم. فما تطلبه المديرية العامة للامن العام من أصحاب العمل هو التحري عن حياة العاملة الشخصية منذ لحظة وصولها الى لبنان وطوال اقامتها فيه، وأن يبادر فور توفر معلومات لديه باقامتها لعلاقة عاطفية من أي نوع كانت الى “مراجعة الأمن العام بعد تأمين تذكرة سفر بغية ترحيلها الى بلدها”. ومجرّد قراءة هذا التعهد
 
ثالثا، في قراءة متأنية للتعهد، فانه يظهر بمثابة تحذير لأصحاب العمل بامكانية ترحيل العاملات المستقدمات للعمل لديهم، اذا أقمن علاقات زواج أو علاقات حميمية. ومن هذه الزاوية، لا يقتصر التكليف المعطى لهم على التلصّص، انما يصل الى حد اتخاذ الاجراءات والاحتياطات الكفيلة بمنع حصول هذه العلاقات. وهذا ما يفتح الباب أمام آليات المنع المباشر، ومن أبرزها طبعا مزيد من التضييق على حرية العاملات في التنقل.
 
رابعا، أن تأتي مبادرة من هذا النوع عن الأمن العام أمر مكروه طبعا. لكن أن يرسل التعميم من خلال وزارة العدل وأن يعمد كتاب العدل (وكلهم حقوقيون) على تطبيقه، فهذا أمر يؤشر الى الدرك الذي وصل اليه الخطاب الحقوقي في لبنان، أقله فيما يتصل بالفئات المهمشة.
 
وفي موازاة هذا الواقع، تستمر السلطة بالتغنّي بالجهود التي تقوم بها في سبيل تعزيز حقوق العاملات في الخدمة المنزلية. آخر هذه التصريحات جاء في بيان لوزير العمل سجعان قزي، تنديدا بإنشاء نقابة لعمال وعاملات الخدمة المنزلية. ويضيف الوزير في حديث له لبرنامج “عالم الصباح” في 2 أيار 2015، أن “الحماية بتصير بإجراءات مش بإدخال العاملات باللعبة السياسية والطبقية. هيدا أمر ما بصير طالما أنا وزير”[2]. لكن عن أي حماية وعن أي اجراءات يتحدث هذا الوزير؟

لديك أي أسئلة؟

للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.