تأثير الأزمة الاقتصادية والتعبئة العامة على العاملات والعمال المهاجرات\ين في لبنان

المناصرة العامة

منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان في العام 2019، تكبّد العمال المهاجرون والعاملات المهاجرات خسائر مالية فادحة بسبب إما تعرّضهم للطرد أو لخفض رواتبهم، إضافةً إلى التراجع السريع في قيمة الليرة اللبنانية. ويأتي الإغلاق التام المفروض في جميع أنحاء البلاد للحدّ من انتشار فيروس كوفيد-19 ليفاقم معاناتهم وخسائرهم، الأمر الذي يدفع بمعظمهم نحو عتبة الفقر المدقع، حتى أنهم يصبحون يومًا بعد يوم عاجزين عن توفير احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب ومأوى. 

عملت حركة مناهضة العنصرية على إجراء تقييم سريع للاحتياجات في منتصف شهر نيسان العام 2020، من خلال الاتصال ب 356 عاملًا/ة مهاجرًا/ة عبر الهاتف وتقييم حجم الأزمة. يشار هنا إلى أن المشاركين في الاستطلاع كانوا منقسمين بشكل متساوٍ تقريباً بين نساء (نسبة 50%) ورجال (نسبة 50%)، ويحمل معظمهم الجنسيتين الإثيوبية والسودانية. ومن بين المشاركين في الاستطلاع البالغ عددهم 356، تشكّل العاملات المنزليات اللواتي يعشن في منازل أصحاب العمل نسبة 31%، فيما تتوزّع نسبة 52% بين عاملات منازل لا يعشن في بيوت أصحاب العمل وعمّال بناء وحرّاس مبانٍ وطهاة في مطاعم، من بين جملة أعمال أخرى. [1][1]

وبما أن معظم المشاركين في الاستطلاع هم عمال وعاملات لا يعيشون في منازل أصحاب العمل، لا تعكس هذه العينة واقع المجتمعات المهاجرة في لبنان. وعلى الرغم من أنهم يتحملّون وطأة الأزمة في الوقت الراهن، يتمتّع هذا القسم منهم عادةً (الذين لا يعيشون في منازل أصحاب العمل) بهامش أكبر من حرية التنقّل، ومرونة أكبر في التحكّم بوقتهم، فضلاً عن قدرتهم على التواصل مع الشبكات بشكل أكبر من العاملين/ات المهاجرين/ات الذين يعيشون في منازل أصحاب العمل. علاوةً على ذلك، حاولنا التواصل مع 500 عامل/ة مهاجر/ة، لكننا لم نتمكّن من الوصول إلى 144 شخصًا منهم، ويُعزى ذلك على الأرجح لعدم قدرتهم على تحمّل تكلفة شراء بطاقات شحن خطوط الهاتف. الأمر الذي يعني أن النتائج التي توصلنا إليها والواردة أدناه، وعلى الرغم من أنها مقلقة بحدّ ذاتها، تُخفي في الواقع حقيقة أكثر قتامة. 

ويسوء الوضع أكثر يومًا بعد يوم. فالعديد من الذين تحدّثوا في وقت الاستطلاع عن أنهم قادرون على توفير الطعام، أفادوا أيضًا أنهم يتناولون وجبة واحدة فقط في اليوم. وأخبرنا أولئك الذين فقدوا وظائفهم أنهم سيصبحون قريبًا عاجزين عن دفع الإيجار أو تأمين الطعام. وبالتالي، سيفقد العديد من الأفراد، ممن كانوا يتلقّون المساعدة من أصدقائهم أو أسرهم، مصدر دعمهم هذا في وقت قريب. علاوةً على ذلك، بات العمال المهاجرون والعاملات المهاجرات في لبنان حاليًا عاجزين عن إرسال الأموال إلى عائلاتهم في بلادهم، الذين يتحمّلون بدورهم تداعيات الأزمات في لبنان.

وعليه، لا بدّ من فهم النتائج الواردة أدناه على أنها تعكس أقل تأثيرات الأزمات على العمال المهاجرين/العاملات المهاجرات في لبنان، ولا تُعتبر بالتالي تمثيلاً دقيقًا للاحتياجات على أرض الواقع.

[1] [1] أما نسبة 17% المتبقية فتمثّل أولئك العمال/العاملات الذين باتوا منذ أشهر عاطلين عن العمل، ولا يمكن وضعهم في خانة أي من الفئتين (التي تعيش في منازل أصحاب العمل، وتلك لا تعيش في منازل أصحاب العمل).