07/09/2014
للنشر الفوري
لبنان ـ إبعاد أطفال العمال الوافدين
أمر إداري يشتت شمل العائلات
(بيروت، 3 سبتمبر/أيلول 2014) ـ قالت تسع من المنظمات غير حكومية العاملة في لبنان اليوم إن لبنان يقوم بترحيل أطفال العمال الوافدين المولودين في لبنان، وأمهاتهم في بعض الحالات. وينتقص القرار الأخير الصادر من الأمن العام، وهو الجهاز الأمني اللبناني المسؤول عن دخول الأجانب وإقامتهم، والقاضي بمنع تجديد تصاريح الإقامة لعدد من الوافدين العاملين في مهن منخفضة الأجر الذين أنجبوا أطفالاً في لبنان وكذلك لأطفالهم، ينتقص بشكل غير متناسب من الحق في الحياة الأسرية.
منذ مايو/أيار 2014 قام ما يقرب من 12 عاملة وافدة، وأكثرهن من صاحبات الإقامة الطويلة في لبنان، بإبلاغ المنظمات الحقوقية بأنهن قوبلن بالرفض عند ذهابهن إلى الأمن العام لتجديد أوراق الإقامة لهن ولأطفالهن. وقد قيل لبعضهن إنه من غير المسموح لهن إنجاب الأطفال في لبنان، وأُمهلن فترة قصيرة لمغادرة البلاد، بلغت 48 ساعة في بعض الحالات بحسب قولهن.
وقال ناطق باسم المنظمات إنه “بموجب الأمر الجديد الصادر من الأمن العام يجري تشتيت بعض العائلات، بينما تحرم عائلات أخرى من مصدر رزقها على ما يبدو لمجرد إنجاب أطفال في لبنان. لم تقدم السلطات اللبنانية أي مبرر لهذه السياسة الجديدة، ويتعين عليها إلغاء هذا الأمر فوراً حيث انه ينتقص من الحق في الحياة الأسرية”.
بموجب أحكام الإقامة اللبنانية لا يسمح لفئات معينة من الوافدين ذوي الأجر المنخفض، والعاملات المنزليات بوجه خاص، بكفالة إقامة أزواجهن أو أطفالهن. ومع ذلك فقد كان يمكن في الماضي لأطفال الوافدات المولودين في لبنان التقدم بطلب إقامة لمدة عام حتى سن الرابعة، ثم طلب الإقامة إذا التحقوا بالمدارس.
وقد أكدت مصادر داخل الأمن العام للمنظمات غير الحكومية أن الجهاز قد أصدر أمراً جديداً يتعلق بتجديد تصاريح الإقامة لأطفال الوافدين ذوي الأجر المنخفض المولودين في لبنان وآبائهم الوافدين. ورغم طلبات مكتوبة من المنظمات غير الحكومية تلتمس الحصول على نسخة من الأمر إلا أن الجهاز لم يرد حتى الآن. ويقول نشطاء إن الأمر قد تم تبنيه على ما يبدو في يناير/كانون الثاني 2014، لكن التشدد في تطبيقه بدأ في مايو/أيار وأدى إلى طرد بعض الأفراد من عائلات عمال وافدين.
في حالة واحدة، قالت سيدة من غانا للمنظمات إنها فُصلت عن ابنها البالغ من العمر 10 أعوام حين رفض الأمن العام تجديد تصريح إقامته رغم التحاقه بالمدرسة. وقالت إنها أعادت ابنها إلى غانا بمفرده حتى لا تفقد إقامتها ووظيفتها في لبنان.
وفي حالة أخرى أصدر الأمن العام في يونيو/حزيران إنذاراً بالترحيل لصبي سريلانكي عمره 13 عاماً من مواليد لبنان وقضى حياته فيه وكذلك لوالدته، رغم التحاق الصبي بالمدرسة. لم يتم طرد والد الصبي، السريلانكي بدوره، من لبنان.
قال الصبي، الموجود في سريلانكا حالياً، للمنظمات:
قال شخص ما في الأمن العام اللبناني إنهم سيتوقفون عن إصدار تأشيرات للأطفال. وكان أمامنا يومان فقط للرحيل. كنت أحمل تصريحاً بالإقامة في لبنان منذ مولدي، ولم يسبق لي العيش في سريلانكا. أنا وأمي الآن في سريلانكا، وليس لأمي عمل هنا وهي تحاول العودة إلى لبنان. ما زال أبي في لبنان، وإذا رحلت، سأضطر للبقاء هنا والإقامة مع أبناء عمومتي.
وقالت سيدة من مدغشقر للمنظمات إنه “حين ذهبت صديقتي إلى الأمن العام لتجديد إقامة أطفالها، قيل لها إن الإقامات لمن يأتون هنا للعمل، وليس لإنجاب الأطفال”.
وكان معظم الوافدين الذين أبلغوا عن المشكلة قد عاشوا في لبنان لمدة تزيد على العقد، وأنجبوا الأطفال في لبنان منذ انتقالهم إليه للعمل. ولم يقل أحد منهم إنه صادف مشكلة من قبل في الحصول على تصاريح الإقامة لهم أو لأطفالهم.
قال الوافدون المتضررون للمنظمات إن الروابط التي تربط أطفالهم ببلدانهم الأصلية لا تكاد تذكر، وأكثرهم لا يتكلم لغة آبائهم الأصلية، مما يجعل اندماجهم في المدارس في أوطانهم أمراً شديد الصعوبة. ويأتي كثير من هؤلاء الوافدين من بنغلاديش، وسريلانكا، والفلبين، وغانا، وجنوب السودان، ومدغشقر. لم يتضح عدد العائلات المتضررة، لكن بعض قادة الجاليات الوافدة أفادوا بتأثير القرار في الكثير من أعضاء جالياتهم.
أما الوافدون الذين يبقون في البلاد بالمخالفة للقانون فهم يخاطرون بالاعتقال والاحتجاز المطول قبل الترحيل، كما يعجزون عن الوصول الآمن إلى الخدمات العامة. ويشترط حمل الأطفال الوافدين لتصريح الإقامة للالتحاق بالمدارس الحكومية، بحسب نشطاء حقوقيين.
واستناداً إلى أبحاث أجرتها المنظمات، يبدو أن كافة العمال الوافدين الذين أجريت معهم المقابلات من المتضررين من القرار حتى الآن هم سيدات من الفئتين 3 و4 بموجب أحكام العمل اللبنانية ـ أي عمال منخفضي الأجر في صناعات مثل الصرف الصحي والزراعة والأعمال المنزلية. ورغم عدم السماح للعمال الأجانب من تلك الفئات بكفالة إقامات لأزواجهم أو أطفالهم، إلا أن السيدات من تلك الفئة كن حتى وقت قريب يستطعن تمديد تصاريح إقامتهن بحيث تضم الأطفال المولودين في لبنان.
قال محامون حقوقيون للمنظمات إن أولئك السيدات يستطعن الحصول على سلسلة من تصاريح الإقامة لمدة عام دون رسوم إضافية للأطفال المولودين في لبنان حتى سن الرابعة. وفور التحاق الطفل بالمدارس في سن الرابعة، يمكن للأم أن تطلب ضم الطفل إلى إقامتها بشرط وجودها في لبنان بشكل مشروع وتقديم الوثائق المطلوبة التي تثبت الالتحاق بالمدرسة.
ومع ذلك فإن الموقع الإلكتروني للأمن العام يذكر حالياً أن إقامة الأطفال الذين يدرسون في لبنان ويندرج آباؤهم في الفئتين 3 أو 4 تخضع لقرار يتخذه الأمن العام على أساس الحالة الفردية. ولا يشير الموقع الإلكتروني إلى الأسس التي يتخذ القرار بناءً عليها. ويتناقض هذا القرار، الذي يبدو أنه يطرد العمال الوافدين ذوي الأطفال بدعوى أنهم أنجبوا في لبنان، مع التزامات لبنان الحقوقية الدولية بموجب المعاهدات الحقوقية التي صار طرفاً فيها، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل.
إن التزامات لبنان بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بما في ذلك تجاه غير المواطنين الموجودين على أراضيه، تلزمه بتجنب “الانتقاص غير المتناسب من الحق في الحياة الأسرية”. وبالمثل، يلتزم لبنان بالتقيد بالمادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تعيد التوكيد على حق الرجل والمرأة فور بلوغ سن الزواج في التزوج وتأسيس أسرة. أما الأمر الجديد وتنفيذه فيؤدي إلى انتقاص غير متناسب من الحق في الحياة الأسرية، وبخاصة تشتيت شمل الأسر عن طريق الترحيل.
وللأطفال الحق، قدر الإمكان، في الحصول على رعاية أبويهم، والحق في العلاقات الأسرية دون تدخل غير متناسب وبلا مسوغ. وتعمل اتفاقية حقوق الطفل على إلزام البلدان بـ”ضمان عدم فصل الطفل عن والديه على كره منهما إلا عندما … يكون هذا الفصل ضرورياً لصون مصالح الطفل الفضلى”.
وفي أي إجراء يمكن أن يؤدي إلى فصل الطفل عن أبويه، يتعين منح كافة الأطراف المعنية فرصة المشاركة وإبداء الرأي، وينبغي خضوع أي فصل للمراجعة القضائية. كما تدعو اتفاقية حقوق الطفل البلدان إلى التعامل مع مسائل قيام الأبوين أو الأطفال بدخول بلد من البلدان بغرض لم شمل الأسرة “بطريقة إيجابية وإنسانية وسريعة”. ولبنان ملزم بموجب اتفاقية حقوق الطفل بضمان حقوق جميع الأطفال الخاضعين لاختصاصه دون “تمييز من أي نوع”.
ويجب على الحكومة اللبنانية الامتثال لالتزاماتها الدولية عن طريق العمل على ضمان مراعاة الأمن العام للمصالح الأسرية المعنية قبل رفض تجديد الإقامة لعمال أو لأطفالهم أو النظر في إبعادهم. وعلى الحكومة أيضاً التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال الوافدين وأفراد أسرهم لصيانة حقوق الوافدين في لبنان.
قال الناطق باسم المنظمات: “إن الحياة الأسرية تهم العمال الوافدين في لبنان كما تهم أي شخص آخر، وعلى الأمن العام التراجع عن أمره والحفاظ على الحق في الحياة الأسرية لعمال لبنان الوافدين”.
الموقعون:
للمزيد من تغطية هيومن رايتس ووتش للبنان:
http://www.hrw.org/ar/middle-eastn-africa/lebanon
للمزيد من المعلومات:
في بيروت، لمى فقيه (الإنجليزية والعربية): +961-3-900-105 (خلوي) أو [email protected]. للمتابعة على تويتر @lamamfakih
في بيروت، نديم حوري (العربية والفرنسية والإنجليزية): +961-3-639-244 (خلوي) أو [email protected]. للمتابعة على تويتر @nadimhoury
للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.
نعمل في حركة مناهضة العنصرية بجهد على العديد من النشاطات والمبادرات المختلفة. معظم نشاطنا تعدّ في الإمكان بفضل فريق من المتطوعين/ات يعمل مع فريقنا الأساسي بشغف و إخلاص.
حركة مناهضة العنصرية هي حركة شعبيّة أنشأتها جهات شبابيّة ناشطة في لبنان بالتعاون مع عمّال وعاملات أجانب. نعمل معًا في الحركة على توثيق الممارسات العنصرية والتحقيق فيها وفضحها ومحاربتها من خلال مبادرات وحملات عديدة. تمّ إطلاق حركة مناهضة العنصرية عام 2010 عقب حادثة وقعت في أحد أكثر المنتجعات البحرية الخاصّة المعروفة في بيروت.