لنمشي سوية

أخبار ومستجدّات
Beautiful piece by Farah Kobaissy.
 
طلبت مني فرح سلكا- إحدى المنظمات لمظاهرة العمال والعاملات الأجانب المطالبة بإلغاء نظام الكفالة – أن أعدّ بعض الهتافات لنرددها خلال المظاهرة، نظرا لكوني قد شاركت في إعداد بعض الهتافات في مظاهرات سابقة.
 
وقبل بدء المسيرة قمت مع بعض الناشطات بإعداد مجموعة من الهتافات اللافتة من حيث اللحن والموسيقى والمضمون من مثل “قولوا لا، قولوا لا، لنظام الكفالة”. “قوم سماع يا كفيل، كل أسبوع في قتيل” (عطفا على تقرير لهيومان- رايتس- واتش لعام 2009 الذي يورد أنه في لبنان تموت عاملة في الخدمة المنزلية كل اسبوع).
 
أنجزنا المهمة، انطلقت المسيرة، فتأبطت مكبر الصوت استعدادا للبدء في الهتاف.
 
إلا أنني بعد محاولات متكررة، فشلت في حمل المتظاهرين/ات على أن يهتفوا/ن الشعارات التي رددناها.
 
أدركت حينها أن هذه المسيرة ستكون مختلفة عمّا تعودنا عليه من قبل. فالناشطون والناشطات اللبنانيون/ات ليسوا ولسن هم/ن من يتظاهر بالنيابة او للدفاع عن حقوق فئة ما. بل ولأول مرة خرج العمال والعاملات انفسهم/ن ليعبروا بشعاراتهم/ن، وبهتافاتهم/ن، وباغانيهم/ن وباصواتهم/ن، ولم نكن نحن سوى مواكبين ومتضامنين ليس اكثر.
 
البارحة، كانت الموسيقى والألوان أصدق إنباء من الكلمات والشعارات، لقد كانت اللغة المشتركة بين الجميع، كانت تعبيراً عن نضال العمال والعاملات العالمي في بيروت. ولساعات احتلّت العاملات والعمال الأجانب والأجنبيات من عشرات البلدان من آسيا وافريقيا، شوارع المدينة ليرقصن ويغنين وليقولوا ويقلن للعالم والمجتمع والدولة وللصحافة ولشركات الاتجار بالبشر والمدام والميستر، أننا هنا، وانه على الرغم من قهرنا لا نزال نعرف كيف نفرح. انظروا: نحن فخورات بأنفسنا وبثقافاتنا وببلداننا، وبأزيائنا، بشعرنا، بأجسادنا، بألواننا، بأكلنا وبموسيقانا…
 
البارحة اكتشفت، أنني جزء من عالم اوسع، أوسع من اللغة التي اتكلم بها، ومن الكلمات التي أعرفها، وأوسع من الناس الذين أعرفهم، البارحة اكتشفت ايضاً انه اصبح للعاملين والعملات في لبنان – من الفيليبين والنيبال، والهند ومدغشقر، واثيوبيا والكونغو والسودان ومصر…- أصبح لهم/ن صوتا في المكان العام، أصبح لهم/ن صوتا في هذا البلد، وانهم/ن ليسوا بحاجة لنا لنهتف باسمهم، بل لنهتف معهم، لنتعلّم منهم/ن، لنمشي سوية.
 
البارحة أدركت حصول تطور بارز على صعيد وضع العاملين والعاملات في لبنان، وهو أنه أصبح باستطاعتنا القول أنه هناك حركة تزداد عددا وحجما ووعيا من العمال والعاملات الأجانب تطالب بشروط عمل أفضل وبوضع حد لكل أشكال التمييز والعنصرية.
 
طبعا يعود الفضل في ذلك بشكل كبير إلى التنسيق الآخذ بالتوسع بين مجموعة من الناشطين على عدة قضايا منها مناهضة العنصرية والتمييز ضد المرأة ومن أجل العدالة الاجتماعية والعلمنة في لبنان مع مجموعة من القيادات العمالية الأجنبية الواعية والمؤثرة في محيطها.
 
مظاهرة البارحة كانت بداية لحراك جديد، متنوع، وأكثر تجذرا على صعيد حقوق العمال والعاملات في لبنان.
دلالات :
شارك هذا :

لديك أي أسئلة؟

للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.