Violence against Syrian Workers in Lebanon

أخبار ومستجدّات

تقرير: المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين

واقع العمال السوريين عام 2012:

خطف وضرب وسلب والجناة “مجهولون”

تواصلت خلال عام 2012 حالات الاعتداء على العمال السوريين في أنحاء مختلفة من لبنان، من البقاع إلى الجبل ومن الشمال إلى الجنوب مرورا بالعاصمة وضواحيها، حيث أفادت المعلومات الواردة من مصادر حقوقية وأمنية وإعلامية مختلفة عن خطف عشرات العمال وتعرض آخرين للضرب وإطلاق النار والتهديد والسرقة.

فالمعلوم انه مع بداية الثورة السورية التي انطلقت شرارتها في 15 آذار عام 2011، سجل عدد من حالات الخطف لعمال سوريين في لبنان يعتقد أنهم من المعارضين للنظام السوري، وتواصلت الاعتداءات مع ازدياد أعداد النازحين من سوريا إلى لبنان، إلا أنها سرعان ما اتخذت منحاً عنصرياً تصاعدياً منذ الإعلان عن خطف 11 لبنانياً في سوريا في أيار عام 2012. وفي هذا الإطار، أشارت تقارير إعلامية إلى أنه نتيجة لموجة العنف والتنكيل التي طاولت عدداً كبيراً من العمال السوريين، فر آلاف منهم من لبنان، وقسم لا بأس به منهم لم يستوفوا كامل أجورهم.

ويفيد في هذا المجال، لفت نظر السلطات اللبنانية أولاً، والمنظمات الحقوقية ثانياً، إلى أن حالات الاعتداء على العمال الأجانب بشكل عام في لبنان والسوريين بشكل خاص، ليست حالات فردية ومعزولة بل تأتي ضمن سياق عام من التحريض العنصري ضد هذه الفئة بالتحديد. وقد رصد “المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين” 29 حالة عنف موثقة ضد عمال سوريين، في موجة تذكّر بما حصل في الفترة التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، التي شهدت حالات اعتداء مشابهة ضد هذه الفئة، وكان تقرير لمنظمة العفو الدولية# صدر في العام نفسه، أشار إلى مقتل ما يقارب الـ20 عاملا بإطلاق الرصاص عليهم أو ضربهم أو طعنهم. كما رصد التقرير آنذاك نحو 31 عملية إضرام نيران بشكل متعمد وإتلاف ممتلكات ومساكن العمال المؤقتة. هذا، وبحسب جريدة الأخبار# فإنه خلال الفترة الممتدّة بين 2005 و2010 أُحصي نحو 700 مفقود سوري في لبنان. أما القاسم المشترك بين الأعوام 2005 و2012، هو بقاء المعتدين في معظم الحالات مجهولي الهوية، مما حال دون سوقهم من قبل السلطات اللبنانية إلى العدالة فضلاً عن تقصير الحكومة في اتخاذ التدابير التي من شأنها حماية هذه العمالة.

ويمكن تصنيف العنف الممارس ضد العمال السوريين إلى 3 أنواع: خطف، عنف جسدي، وسلب. وسجل في هذا الإطار 14 حالة ضرب وتعذيب، و11 حالة سلب، و4 حالات خطف. وفي التفاصيل:

في كانون الثاني 2012 تعرض 4 عمال بناء في منطقة الزرارية في جنوب لبنان للخطف على أيدي عناصر يستقلون سيارات جيب ذات زجاج عازل. ورجحت مصادر صحافية أن تكون السيارات تابعة للسفارة السورية في لبنان إلا أنه لم تصدر تقارير أمنية تؤكد أو تنفي هذا الموضوع. والى اليوم لم يعد العمال الـ4 إلى موقع عملهم.

وفي شباط عام 2012، تعرض 3 عمال سوريين في منطقة الشويفات إلى السلب وإطلاق النار ولجأ المسلحون إلى تقييد العمال لشل حركتهم وإطلاق النار في اتجاههم ما أدى إلى إصابة أحدهم برصاصة في رجله.

وفي حادثة مماثلة في شهر آذار من العام نفسه، تعرض عمال سوريون يعملون في ورشة بناء للسلب والاعتداء بالضرب في عاليه ما أدى إلى إصابة أحدهم بجروح بليغة.

وفي شهر نيسان 2012، تعرض 5 عمال سوريين في منطقة كفر ملكي في إقليم التفاح إلى اعتداء بالعصي والآلات الحادة من قبل 12 شاباً ما أدى إلى إصابتهم بجروح خطيرة. وكان تقرير إعلامي تحدث عن أن العمال في البلدة تعرضوا إلى مضايقات واستفزازات واعتداءات متكررة.

وفي شهر أيار من العام نفسه، وعلى أثر اختطاف 11 لبنانياً كانوا في رحلة بحافلة لمزارات دينية في سوريا، تم الاعتداء على عدد من العمال السوريين في لبنان، حيث عثر على العامل السوري ضرار المحمد (مواليد 1984) مصاباً بطلق ناري برقبته قرب مطار بيروت. وقد انتشر في وقت لاحق مقطع فيديو على موقع “يوتيوب” يظهر أحد العمال السوريين مكبلاً على كرسي حيث كان يقوم أحد الأشخاص بتعذيبه وإهانته. أما في إقليم الخروب، فسُجل إقدام مسلحين على الاعتداء على عدد غير محدد من العمال السوريين في أماكن سكنهم.

وفي شهر حزيران 2012، أفادت “هيومان رايتس ووتش”# أنها قابلت مواطِنيْن سورييْن تعرضا للضرب على أيدي مجهولين في بيروت، وأوضحا أنهما لم يتقدما للشرطة بشكاوى لأنهما “لا يثقان بالشرطة اللبنانية”.

أما في شهر آب، وبعد أن بُثت تقارير إعلامية تفيد بمقتل بعض اللبنانيين المخطوفين في سوريا في قصف جوي، بدأت موجة جديدة من الاعتداءات على العمال السوريين، وعلى ممتلكات العديد منهم في مناطق مختلفة من بيروت ومحيطها، وتم اختطاف 33 عاملاً سورياً ورجل تركي على أيدي مجموعة من آل المقداد في 15 آب على أثر فقد أحد أبنائهم المدعو حسن المقداد في سوريا. وفي برج البراجنة، اعتدت مجموعة من آل زعيتر على عمال سوريين، كما اعتدى مجهولون على عامل سوري ووالدته بالضرب والسلب على اوتوستراد هادي نصر الله في الضاحية الجنوبية. وفي الرويسات تم الاعتداء بالضرب وسلب عامل آخر. وفي حي السلم اعتدى شبان على 5 عمال وهددوهم إذا ما عادوا إلى المنطقة. وفي حولا الجنوبية، اعتدى عدد من المسلحين على عدد غير محدد من العمال سوريين، ما أسفر عن وقوع جرحى. أما في منطقة النبعة فقد تعرض عدد من العمال السوريين للضرب والاعتداء. وسجل تشكيل تجمعات شبابية في بعض الأحياء لـ”اصطياد” الشبان السوريين والتعرض لهم بالضرب. كما تعرض عدد من المحال التي تعود لسوريين لتحطيم الزجاج في المنطقة نفسها.

في تشرين الأول 2012، وتحديداً في السابع منه، قام عناصر من الجيش اللبناني ومخابراته باعتداء على ما يقل عن 72 عاملاً وافداً سورياً ومصرياً وسودانياً في منطقة الأشرفية. عندما قاموا، بناء على شكوى تقدم بها بعض السكان بتهمة “التحرش بالفتيات ومضايقة السكان”، بمداهمة منازلهم ليلة 7 تشرين الأول أكتوبر. ويورد تقرير لمنظمة “هيومان رايتس ووتش” تفاصيل الاعتداء على العمال، وضربهم وتعذيبهم وإهانتهم لساعات متواصلة وبدون تقديم أي تفسير للمداهمة أو حتى طلب أوراق العمال الثبوتية. ويورد التقرير أن 25 عاملا ممن التقتهم المنظمة قالوا أنهم تعرضوا جميعا للضرب المبرح وبدت على أجسادهم جميعا كدمات واضحة تتفق مع أقوالهم. وقال نديم حوري من المنظمة ان “الاعتداء على هؤلاء العمال الأجانب بهذه الطريقة العنيفة، فإن عناصر الجيش تصرفوا أقرب لعصابة منه لمؤسسة وطنية.” ولم يكن هذا أول اعتداء من قبل عناصر الجيش على العمال بحسب ما يورد التقرير. ففي مطلع تشرين الأول قام بعض الجنود بمداهمة موقع بناء يعمل وينام فيه عمال مهاجرون، وسمع السكان المحيطين بالمبنى صرخات صادرة منه. ولم تمر هذه الأحداث دون رد فعل من بعض الجمعيات الحقوقية ومن بينها “المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين”، الذين أصدروا بياناً مشتركاً نددوا فيه بهذا الاعتداء الذي اتخذ شكل المعاقبة الجماعية لكل عامل أجنبي في المنطقة وهو ما وصفه الموقعون بالـ”عنصرية الموصوفة وكره الأجانب”. كما طالبوا السلطة التنفيذية التي تشرف على الأجهزة والقوى الأمنية والجيش اللبناني القيام بدورها وتحمل مسؤولياتها في حماية المواطنين والمقيمين عل حد سواء من أي اعتداء، فضلاً عن مطالبتهم السلطة القضائية بالتدخل لوضع حد لهذه الممارسات، وفتح تحقيق وإنزال العقوبات الجزائية بحق المعتدين من القوى العسكرية.

وبعد أسبوع من هذا الحادث، وتحديدا في 18 تشرين الأول، اعتدى أكثر من عشرين “مجهولا” يحملون السكاكين والسواطير والعصي، على عمال سوريين في محلة الرملة البيضاء حيث يعملون في ورشة للبناء. ما أدى إلى إصابة 6 عمال إصابات بليغة. ولاحقا أوقفت مفرزة استقصاء بيروت 6 لبنانيين وفلسطيني للاشتباه بتورطهم بالاعتداء واقتيدوا للتحقيق معهم. وربما كانت هذه الحالة الوحيدة التي حصلت فيها ملاحقة المعتدين.

وشهد شهر كانون الأول الماضي، سلسلة اعتداءات استهدفت عمالاً سوريين في لبنان تفاوتت بين إطلاق النار عليهم وبين سرقتهم. ففي البقاع، نقل السوري محمد زكريا أحمد (مواليد 1986) إلى مستشفى رياق مصاباً بطلق ناري في وجهه من بندقية صيد. وفي عكار وجد العامل السوري ماجد محسن العلي الذي يعمل في أحد معامل صب حجارة الباطون وهو مصاب بطلقين ناريين من سلاح صيد ونقل إلى المستشفى في حال حرجة. وفي زحلة، أقدم ثلاثة أشخاص مجهولين على خطف عامل سوري واعتدوا عليه بالضرب وسلبوه مبلغ مليون ليرة وهاتفه الخليوي، ورموه في سهل مجدلون. كما تعرض عاملان سوريان إلى السرقة في زحلة. واعتدى مجهولون بالضرب على السوري عثمان المحمد على طريق فرعية تصل بين الكرك وتربل وسلبوا منه مبلغاً من المال. وفي القبيع قام مسلحون بسلب عمال سوريين يعملون في معمل لأحجار الباطون. وفي المعاملتين، اقتحم “مجهولون” ورشة “مظلوم اخوان” وسلبوا عاملين سوريين بقوة السلاح. وفي الشفروليه، أقدم “مجهولون” على سلب 5 عمال سوريين. كذلك في الشويفات حيث سلب مجهولون، وبالطريقة نفسها، 4 عمال سوريين. وفي آخر حادثة جرى توثيقها عام 2012، أقدم “مجهولون” على سلب 5 عمال سوريين في منطقة نهر إبراهيم.

يبقى أن نشير في النهاية، إلى أن ما أوردناه آنفاً لا يمكن اعتباره إحصاءً دقيقاً نظراً إلى صعوبة توثيق كل حالات العنف التي مورست ضد هؤلاء العمال، لأسباب عدة منها خوف الضحايا أو ذويهم من أعمال انتقامية في حال إبلاغهم السلطات اللبنانية، فضلاً عن تقاعس القوى الأمنية في حمايتهم. لذا، فإن المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين يستنكر الممارسات العنصرية ضد العمال السوريين، ويطالب الحكومة اللبنانية بتحمل مسؤولياتها لحماية هذه الفئة من العمالة والقيام بتحقيق جدي لكشف مرتكبي هذه الاعتداءات واتخاذ إجراءات جدية تنهي حالة العنصرية السائدة تجاه العمال الأجانب بشكل عام .

دلالات :
شارك هذا :

مقالات مشابهة

لديك أي أسئلة؟

للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.