When Racism Itches

أخبار ومستجدّات
شاشة – “المراقبون” عبر “فرانس 24″ يرون بعين واحدة: تباً لعنصرية لبنان
 
الجزم بأن العاملات الأجنبيات يحظين عندنا بنعيم العيش، دعابة غير مضحكة. والجزم بأنهن معذّبات، يعانين الذل والعبودية هو الآخر افتراء. سمّت “فرانس 24” أحد الناشطين في “حركة مناهضة العنصرية” علي فخري “مراقباً”، وعمّمت رأيه وكأنه اكتشاف القرن!.
يوحي البحر بالاتساع والصفاء والحاجة الى تشارك الخفايا، وجاء فخري يصوّره متواطئاً مع اللبنانيين على “ظلم” العاملات الأجنبيات و”التنكيل” المعنوي بهن. في 12 دقيقة، وعبْر ريبورتاج بعنوان “لبنان، عاملات منزليات أم إماء؟” بنى الناشط اللبناني أحكاماً وراح يعمّمها: “يجري التعامل مع العاملات الوافدات من بلدان فقيرة، بفوقية. العاملة الوافدة من الهند أو من سري لانكا، تُساء معاملتها أكثر من الرجل الآتي من تلك البلاد”. تعميمات أُطلقت مثل الرشقات 
النارية، قوامها العصبية، ومجالها الهواء.
بعض المَشاهد يُرى بعين واحدة، كذلك ما يولد من التشبّث بالرأي. فات الناشط ضد “العنصرية” ان التعميم يضرّ بـ”القضية”، وقد يؤلّب عليها فئات. لا يُخفى ان بعض المسابح يتعمّد عدم استقبال العاملات في المنازل لغير سبب، وأحد هذه الأسباب يتعلّق باحتمال اصابتهن بأمراض معدية. التقرير لم يأخذ من الأسباب إلا أكثرها جهوزية للإسقاط: العنصرية! استُعملت الكاميرا الخفيّة لضبط اللبنانيين بالجرم المشهود: قتلة ضمير وأخلاق وانسانية.
الدفاع عن سوء معاملة انسان لآخر قبحٌ يعكس تشوّهات صاحبه أولاً. نوضح، لئلا نُرمى بتبرير “الجريمة”: ثمة بعض اللبنانيين يستحق العقاب، إذ يعتبر ان “امتلاك” الخادمة “حق”. وثمة أيضاً من أفردوا لها مساحة في العائلة والقلب. راق لـ”المراقب” فخري النصف الفارغ من الكوب. تعمّقْ أكثر سيّد علي. اللبناني عنصري ونقطة على السطر!
كأن يُقال ان اللبنانيين أهل كرم، هو القول انهم يسيئون معاملة الخادمات. لمَ التعميم؟ مقدّمة التقرير ومخرجته سارة قريرة، سعت للتوازن. بالعربية الفصحى التي تتقن مخارج حروفها، قالت لفخري ما سمعته من المدير العام لوزارة العمل عبدالله رزق: “مشكلات العاملات المنزليات في لبنان، هي عينها مشكلاتهن في بلدان أخرى. منها ما يتعلّق باختلاف بيئتهن عن البيئة اللبنانية، أو بطبيعة العاملة نفسها. أما الكلام عن تمييز أو عنصرية، فهو من القاعدة استثناء. وإذا أرادت ارتياد المسبح، فلتأتِ معنا”. نلمس في كلام المدير العام شيئاً من النوم على حرير الذي يراه بعضهم انسلاخاً عن الواقع، من غير ان يعني ذلك ان منظمات وجمعيات لبنانية (“كاريتاس” مركز الأجانب إحداها)، تسعى لفرض تحسين ظروف عيش الخادمات، وشروط اقامتهن، بالتعاون والتنسيق مع الأمن العام والسفارات المعنية.
انطلق فخري من النتيجة لا من الفرضية. رفض كلام وزارة العمل، معتبراً انه “يعيش خارج الدولة اللبنانية”، ثم قالها بحزم: “لبنان يعامل العاملات الأجنبيات والعمال الأجانب بعنصرية”. اهدأ يا أخي. تمهّل يا أخي. لا هدوء ولا تمهّل!
تُخرق الأحكام المسبقة بوقائع مغايرة بالكاد تؤثر في تصاعد التقرير من الخاص الى العام. في “كاريتاس”، عاملات أجنبيات يمضين وقتاً جيداً: كرة مضرب ورياضة وعصرونية. وفي مكتب تأمين الخادمات، حين قالت المندوبة لأحد الزبائن ان العاملة “مضمونة” وإن لم تكن كذلك فالرجاء المراجعة، تساوى كلامها بالقنبلة.
قد تُفهم هذه السطور دفاعاً، أو “ردّ اعتبار”، وهي ليست كذلك. انها ما افتقده التقرير ليبدو أكثر “موضوعية”. قالت قريرة في مقدّمتها، ان حياة العاملات المنزليات في لبنان “تشبه في بعض الأحيان العبودية”. توقعنا من صحافية بمهنيتها ان تترك التحليل لشخص آخر، للناشط علي فخري مثلاً.
شارك هذا :

لديك أي أسئلة؟

للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.