رسالة إلى معنِّف

أخبار ومستجدّات
لم أكن أعتقد أنّ الأرض لا تزال تتّسع لكمّ من الحقد والعنف والجهل حتّى رأيتك في المشاهد التي بثتها المؤسّسة اللّبنانيّة للإرسال وتناقلها الآلاف عبر مواقع التّواصل الإجتماعيّة وأنت تقدّم عرضك العنفي ذلك على عاملتك المسكينة! وا أسفاه!
فدعني أسألك بدايةً: هل نسيت أنّ هذه العاملة التي تدفعها بقوّة إلى داخل السيّارة كالغنمة التي يدخلها راعيها إلى الحظيرة هي إنسانة قبل كلّ شيء؟!
نعم، إنسانة لها كرامة ومشاعر تمامًا كأمّك وأختك وزوجتك.. إنسانة تركت آمالها وأحلامها في وطنٍ هجرته، لتقصد غابة موحشة تعمل فيها لتعيش “بعرق جبينها”.. إنسانة تركت عائلتها وأحبائها لتصير فردًا من عائلتك!
هل تخال أنّ لك الحق في أن تعاملها بهذه الطّريقة لمجرّد أنّك رب عملها؟ أو أن تقلّل من قيمتها واحترامها فقط لأنّها من جنسيّة مختلفة؟ وهل تعتبر ذلك من صفات وشيم الرجل؟!
مخطئٌ أنت يا سيّدي، فالرجولة الحقيقيّة لا تمّت إلى”المرجلة” و”الخبيط” بصلة!
ومهلاً، أتدرك من هي هذه الفتاة التي تستقوي عليها؟ إنّها تلك الفتاة التي تغسل صحنك الذي شبعت منه، وتمسح الأرض التي أوسختها! هي الأمّ التي لا تستطيع زوجتك أن تكونها لأطفالك لكثرة انشغالاتها، والأب الذي تنسى أن تكونه لكثرة همومك!
والأهم أنّها التي تحمي “برستيج” عائلتك وترضي غرورها، فالعاملة في المنزل امتيازٌ وإضافة!
ولن أنسى أنّك أضحكتني عندما قلت أنّ ضميرك لا يسمح لك أن تتركها ملقاة على الطريق وترحل! أخبرني أرجوك، عن أيّ ضميرٍ تتكلّم؟!
أهو الضمير نفسه الذي سمح لك أن تعاملها بشكلٍ بعيدٍ من الإنسانيّة والرّحمة! غريبٌ أمر ضميرك هذا!
أتعلم يا سيّدي أنّ الحيوانات تُعامَل بطريقة أرقى من ذلك! فما نفع دعمنا لأعمال الرفق بالحيوان إن كنّا لا نجيد الرّفق بأخينا الإنسان؟
وأخيرًا، إسمح لي أن أصلّي لله من أجلك هذا المساء وأطلب منه أن يسامحك، لأنّني كلّما شعرتُ أنّ ظلم الأرض اشتدّ، ألتجئ واثقًا إلى عدالة السّماء.
فلعلّني أغفو لأستيقظ في مجتمع يحترم فيه الإنسان قيمة أخيه الإنسان ويحفظ كرامته مهما اختلف عنه، فتُصبح على إنسانيّة!
ودمت رمزًا للظلم وعنوانًا للوحشيّة!
مع أسفي وحزني
الياس باسيل.
دلالات :
شارك هذا :

لديك أي أسئلة؟

للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.