06/07/2020
تعمل وزارة العمل على إصدار نسخة معدّلة للعقد الموحّد لعاملات المنازل قريبًا. يهدف العقد الموحّد، نظريًا، إلى تنظيم علاقة العمل بين عاملات المنازل المهاجرات وكفلائهن (أي أصحاب العمل). إلا أن هذا العقد ليس سوى جزء صغير من نظام الكفالة، وهو الجزء الأقل أهميةً في ظل غياب أية آلية تضمن تطبيقه.
حتّى اليوم، وفي ظلّ الأزمتين الاقتصادية والصحّية، تبقى جهود وزارة العمل في ملف العاملات المهاجرات في لبنان رمزية واستعراضية. منذ عهد الوزير السابق كميل أبو سليمان، عملت الوزارة على إصلاح نظام العبودية المسمّى بالـ"كفالة" بدل إلغائه. ولم تتطرّق إلى جذور المشكلة، أي السلطة الكاملة الممنوحة قانونًا للكفيل على العاملة المنزلية.
يقرّ العقد، في نسخته الجديدة، بأبسط حقوق الإنسان وحقوق العمل. ومن الإصلاحات المهمة للعقد: تحديد الحد الأدنى لأجر العاملة في العقد نفسه (لم يتم تحديده بعد)، ومنحها الحق في ترك وظيفتها من دون قيد أو شرط بعد تقديم إشعار مدته شهر، والاعتراف بحرية العاملة في التنقل والتواصل مع الغير.
غير أن هذه التحسينات لا تشمل أي آلية لتطبيق هذا العقد، ما يعني أن باستطاعة أصحاب العمل خرق العقد من دون أية عواقب أو مساءلة، كما هو الحال اليوم. المواد الوحيدة التي تتطرّق إلى كيفية التعامل مع خرق بنود العقد تستدعي قيام العاملة بتقديم شكوى إلى وزارة العمل. وهي مشكلة بحدّ ذاتها، إذ إنها تفترض (1) أن العاملة قادرة على ذلك، و(2) أن الوزارة ستتدخّل فعليًا بالنيابة عنها للحفاظ على حقوقها.
والملفت هو أن وزارة العمل نفسها لا تفي بالتزاماتها الخاصة المفصّلة في العقد الموحّد. فعلى سبيل المثال، عندما تستلم وزارة العمل شكاوى من العاملات المتضررات، يتعيّن عليها بموجب العقد التدخّل لاسترداد أجور العاملة غير المدفوعة وتكلفة تذكرة السفر. ومنذ نهاية أيار 2020، وثّقت حركة مناهضة العنصرية أكثر من 65 حالة، انتهك فيها أصحاب العمل شروط العقد الموقّع بين الطرفين. وتشمل هذه الانتهاكات حجز راتب العاملة لفترة تتراوح بين 3 أشهر إلى 36 شهرًا، ورفض دفع ثمن تذكرة السفر لتتمكّن العاملة من العودة إلى بلادها. وذلك بالإضافة إلى الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان من خلال تشريد العاملات وتركهن من دون مأوى ومأكل ومن دون إقامة صالحة أو أوراق ثبوتية.
ليس العقد بحدّ ذاته سوى ورقة بلا قيمة إن لم يكن مصحوبًا بتدابير أخرى لإلغاء نظام الكفالة. إن نظام الكفالة عبارة عن شبكة من عدّة قوانين وسياسات تشجّع على استغلال العمال المهاجرين والعاملات المهاجرات في عملهم. وإنّ إلغاء نظام الكفالة يتطلّب إرادة سياسية جدية وتدخلًا حاسمًا من السلطات اللبنانية من خلال:
إصدار قانون لإنفاذ العقد يحدّد العقوبات التي تُفرض على أرباب العمل في حال انتهاكهم العقد، وآليات تفتيش العمل التي تضمن الالتزام ببنود العقد.
إجراء تحقيقات شفافة ودقيقة حول الانتهاكات المتكررة وحالات الوفاة في أوساط عاملات المنازل المهاجرات، وضمان محاسبة أرباب العمل المخالفين عبر محاكمة عادلة وسريعة، وليس من خلال تدابير إدارية رمزية مثل إدراج صاحب العمل على القائمة السوداء (وهي تدابير يمكن للكفيل تجاوزها بسهولة)؛
وضع آلية شكاوى شفافة وشاملة ويسهل على العاملات المهاجرات الوصول إليها، تُمكّنهن من ترك عملهن بأمان ومن الإبلاغ عن انتهاكات صاحب العمل، وهي خطوة لا تقتصر على توثيق الشكاوى عبر الخط الساخن للوزارة بل تضمن إجراء تحقيق في جميع الشكاوى ومحاسبة المخالفين ومحاكمة الجناة؛
تعديل قانون "تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه" لعام 1962 وجميع مراسيمه وقراراته التنفيذية لضمان عدم ربط إجازة عمل وإقامة العمال المهاجرين في لبنان بكفيل واحد؛ وذلك منعًا لوضع شرعية وجود العاملة في لبنان تحت سيطرة شخص واحد يمكنه أن يستغل سلطته على العاملة؛
إلغاء المادتين 7 و 92 من قانون العمل لضمان حصول عاملات المنازل على نفس الحماية وحقوق العمل كأي عامل آخر في لبنان.
تعليق عمل مكاتب الاستقدام وإنشاء آلية توظيف بديلة لعاملات المنازل تُدرج في مؤسسة عامة لضمان عدم استغلال العمال والعاملات أثناء عملية التوظيف.
للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.
نعمل في حركة مناهضة العنصرية بجهد على العديد من النشاطات والمبادرات المختلفة. معظم نشاطنا تعدّ في الإمكان بفضل فريق من المتطوعين/ات يعمل مع فريقنا الأساسي بشغف و إخلاص.
حركة مناهضة العنصرية هي حركة شعبيّة أنشأتها جهات شبابيّة ناشطة في لبنان بالتعاون مع عمّال وعاملات أجانب. نعمل معًا في الحركة على توثيق الممارسات العنصرية والتحقيق فيها وفضحها ومحاربتها من خلال مبادرات وحملات عديدة. تمّ إطلاق حركة مناهضة العنصرية عام 2010 عقب حادثة وقعت في أحد أكثر المنتجعات البحرية الخاصّة المعروفة في بيروت.