من يقف بوجه “الإستعباد” في لبنان؟

أخبار ومستجدّات

 

“بدّي وِحْدِة ما تتوقحن وتطلب تضهر الأحد، وإقدر خللي جواز سفرها معي”. هذه الشروط الأهم التي يضعها مقدّمو طلبات استقدام الخادمات من المكاتب. أما الجواب فيكون “إذا استرجت تعذّبكن بتردولنا ياها دغري”.

هذه هي العقلية السائدة في لبنان تجاه العاملات الأجنبيات، فهُنّ خادمات أقرب ما يكُنّ إلى العبودية. ومن هذا المُنطلق قال المُجتمع المدني كلمته بتأسيس جمعيات وقيادة تحركات مناهضة للعنصرية وللإجحاف الحاصل بحق العاملات الأجنبيات.

وتزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري اليوم الجمعة 21 آذار، ظهرت إلى الواجهة قضيّة “استعباد” ست أفريقيات (توغوليتان، غانيتان، وعاملتان من بوركينا فاسو) في النبطية من قبل صاحب مكتب استقدام العاملات، أقدم على ضربهن واحتجازهن.

وتمكنّت عاملتان منهما من الاتصال بالموقع الأفريقي Koaci، الذي أورد تقريراً مفصلاً عن وضع العاملات الأفريقيات بعد محاولتهن مغادرة منازل مستخدميهن.

وممّا جاء في التقرير أن المدعو صافي كمال، صاحب مكتب لاستقدام الخادمات، احتجز العاملات وأبرحهن ضرباً، لأنهنّ لم يُعجبن مستخدميهن، ووصف الموقع لبنان بالبلد الذي “يعتبر ذوي البشرة السوداء “درجة ثانية” من البشر”.

وقالت إحداهن للموقع المذكور: “نحمل شهادات، وقيل لنا إننا سنجد فرص عمل في لبنان وها نحن نتحول إلى عبيد”.

وفي هذا الصدد كان لموقع NOW حديث مع الناشطة في جمعية Anti Racism Movement فرح سلكا، التي أعلنت أن هناك اجتماعات ستُعقد ابتداءً من يوم الاثنين المقبل للبحث في ملف هؤلاء العاملات.

ولتسليط الضوء أكثر على ملف العاملات الأجنبيات، ودور المجتمع المدني الذي يقف وحيداً بوجه هذه الممارسات التي تُشوّه صورة بلدٍ بأكمله، في نشر التوعية ضد النظرة العنصرية تجاه هذا “الآخر”، شرحت سلكا أهداف التجمّع قائلةً: “هو تحرّك أنشأه نشطاء من المجتمع المدني، بالتعاون مع قيادات فاعلة من مجموعات العمال الأجانب، نعمل على التوثيق والتحقيق، وفضح الممارسات العنصرية في لبنان ومحاربتها من خلال مبادرات مختلفة تستهدف وقف ممارسات التمييز والاستغلالية ضد العمال الأجانب تحديداً”.

وأضافت سلكا: “يعاني أكثر من 250000 من العمال الأجانب في لبنان من قوانين العمل وممارسات التمييز، مثل نظام الكفالة، و”الاستعباد” خلال العمل المنزلي، لأن قانون العمل اللبناني هو نظام كفالة أو نظام رب العمل، لذا فالعامل المهاجر هو مُلكٌ لربّ عمله”.

وتابعت سلكا أنه ومع “اشتداد حدة الصراع في سوريا وتزايد أعداد النازحين، ارتفعت البلاغات عن قضايا التمييز العنصري بحق السوريين، وبات التركيز ينصب اليوم على الانتهاكات والممارسات العنصرية التي يتعرّض لها هؤلاء”.

إلا أن العامل عموماً، وبالأخص الأجنبي، يتعرّض للاحتيال من قبل مكاتب الاستخدام في بلاده التي تعطيه معلومات مغلوطة حول شروط العمل في لبنان، وعند وصوله يُسلّم جواز سفره إلى رب العمل الذي غالباً لا يعيده إليه إلا لدى عودته إلى بلده.

وعن كيفية مساعدة هؤلاء العمال والعاملات، توضح سلكا أن الحركة “تعمل على إبراز ومكافحة جميع أشكال العنصرية بغض النظر عن الجنسية، فنحن نولي اهتماماً بالسوريين والفلسطينيين والعمال المهاجرين وعمال المنازل، والسياح، والنساء المحجبات وكل من يشترك في قصة من هذا النوع معنا، ونسعى لإيجاد طريقة لتسوية وضعه اعتمادًا على كمية الأدلة التي نمتلكها عن القضية، إضافة إلى كوننا نعتمد عادة على شهادات من الناس، وهذا يكفينا في هكذا نوع من الانتهاكات”.

وتُنظّم الجمعية لقاءات يومية وتعطي دروساً باللغة والكومبيوتر والحِرَف ودروس الدفاع عن النفس.

وقالت سلكا: “مع زيادة التعابير والممارسات العنصرية على البرامج التلفزيونية، والبرامج الحوارية، أو التصريحات السياسية، ارتفع منسوب الوعي ضد العنصرية، وبات رفض هذه الانتهاكات في المجتمع أكبر. وختمت: “كثير منا يرغب في التضامن مع الآخر عندما يكون في أزمة إنسانية وبحاجة للدعم بدلاً من إهانته وإذلاله، نحن بحاجة إلى عدد أكبر من الناس ليُساعدوا في تغيير العقلية العنصرية على المستوى الوطني”.

دلالات :
شارك هذا :

لديك أي أسئلة؟

للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.