23/10/2020
الرسم لساندي ليان
يجب إلغاء المادة 7 من قانون العمل التي تستثني العاملات المنزليات من أحكامه.
أعلنت وزيرة العمل عن إنجاز للوزارة بالتعاون مع منظّمة العمل الدولية، تمثّل بإقرار عقد عمل موحّد للعاملات المنزليات. وادّعت الوزيرة أنّ هذا العقد سيعمل على تفكيك نظام الكفالة، وسيفتح الطريق أمام الخروج من العبودية. لا شكّ أنّ هذا العقد يتضمّن مكاسب وإيجابيات، ولكنّه يتضمّن أيضًا نواقص أساسية لا بدّ من استمرار الضغط و العمل لإيجاد الحلول لها.
بدايةً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الجهود وحملات الضغط والمدافعة للجمعيات الحقوقية والقانونية ومناهضة العنصرية وبالأخصّ دور نقابة العاملات المنزليات لعبا الدور الأكبر في تحقيق هذا التقدّم والمكاسب المحققة، فهذا العقد ليس المحاولة الأولى، فلقد سبق للوزيرَين شربل نحّاس وكميل أبو سليمان أن قاما بمحاولات جادّة لتشريع عقود جديدة، تحت ضغط مطالب الناشطين.
الملاحظات حول بعض ما تضمنه عقد العمل الموحد:
أوّلًا: نصّ العقد مساواة العاملات المنزليات لناحية الأجر بسائر الأجراء في لبنان. حيث يقول العقد الموحّد "على صاحب العمل أن يسدّد للعاملة في نهاية كل شهر عمل أجرها الشهري المتّفق عليه على ألّا يقلّ عن الحدّ الأدنى للأجور" على أن يحسم منه نسبة 30% كحدّ أقصى لقاء تقديمات صاحب العمل (المنامة والأكل إلخ)، فإنّ ذلك يعني أنّ الحدّ الأدنى المسموح به يصبح بعد تطبيق الحسومات المسموح بها 472500 ليرة لبنانية، إلّا أنّ هذا المكسب يضمحل وتقل أهمّيته بسبب الانهيار المالي في البلد وانفلات سعر الدولار.
ثانيًا: الحقّ في فسخ عقد العمل بدل " الفرار"
يعطي العقد الحقّ للطرفين بفسخ العقد على أن يُبلغ كلّ طرف الآخر قبل مهلة شهر، حيث لم يعد الفرار هو الحلّ الأوحد أمام العاملة المنزلية لتغيير صاحب العمل بسبب ما يمكن أن تتعرّض له من معاملة سيّئة. ولكن من نواقص هذا المكسب أنّ العقد لا يمنح العاملة المصروفة الحقّ بالخروج ساعة قبل انتهاء دوام عملها للبحث عن عمل كما ينصّ قانون العمل. كما أنّ العقد لا يحمي العاملة في حال فسخ صاحب العمل عقد العمل معها بشكل غير قانوني ومن دون أسباب، وهذا ما نسمّيه الصرف التعسّفي. ألا يتوجّب على صاحب العمل أن يدفع تعويض الصرف التعسفي وأشهر الإنذار حسب ما تنصّ عليه المادّة 50 من قانون العمل؟
ثالثًا: نصّ العقد على تأمين غرفة مستقلّة للعاملة المنزلية لتمكينها من حفظ خصوصيتها واستقلاليتها وهذا أمر إيجابي. لكن العقد لم يحدّد آليات التأكّد من وجود هذه الغرفة ومطابقتها للمعايير المنصوص عنها في العقد. وفي حين تدّعي الوزيرة أنّ جهاز التفتيش في الوزارة سيقوم بذلك، إلّا أنّها لم تنتبه إلى أنّ عدد المفتّشين غير كافٍ لمراقبة الشركات والمؤسّسات العمّالية أصلًا، فكيف الحال إذا ما أضفنا إليهم العاملات في الخدمة المنزلية؟
كما أنّه لن يستطيع المفتّشون في حالات كثيرة من الدخول إلى المنازل، حيث نعلم جميعًا باستحالة ذلك نظرًا للإجراءات الكثيرة التي يتطلبّها هذا الأمر من الموافقات الأمنية إلى إلزامية مرافقة المختار وغيرها من التدابير. ونسأل ألم يكن من الأفضل تخيير العاملة بين الإقامة في مكان عملها أو اختيار مسكن مستقلّ لها؟
رابعًا: يحدّد العقد دوام العمل بـ48 ساعة أسبوعيًا، و8 ساعات يوميًا، وذلك أمر جيد ويحتسب في إيجابيات العقد. كذلك يلحظ العقد العمل الإضافي حيث يحدّد قيمة ساعة العمل الإضافية أن تكون مساوية لقيمة ساعة العمل العادية، وهذا الأمر مخالف لقانون العمل الذي يحدّد قيمة الساعة الإضافية بأجر ساعة ونصف من ساعات العمل العادية. ولكن من يضمن التقيّد بالدوام في حين العاملة مقيمة 24/24 في منزل صاحب العمل؟ كما أنّ العقد قلّص الراحة أسبوعية من 36 ساعة متواصلة إلى 24 ساعة فقط.
أخيرًا، إنّ هذه الإجراءات والمتضمّنة جوانب إيجابية مع بقاء ثغرات أساسية لا بدّ من معالجتها، لا تلغي نظام الكفالة الذي يشرّع العبودية ويتسبّب بالعديد من المظالم وقضم الحقوق للعاملات المنزليات. حيث يجب أن يبقى مطلب إلغاء نظام الكفالة والعبودية متصدّرًا مطالب إنصاف العاملات وهذا الأمر مدخله واضح جدًا، وهو إلغاء المادّة 7 من قانون العمل والتي تنصّ على استثناء العاملات المنزليات من أحكامه، وأن تُعطى العاملة المنزلية جميع الحقوق المتوجّبة لأيّ عامل وعاملة حسب قانون العمل.
شبكة عملي حقوقي
للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.
نعمل في حركة مناهضة العنصرية بجهد على العديد من النشاطات والمبادرات المختلفة. معظم نشاطنا تعدّ في الإمكان بفضل فريق من المتطوعين/ات يعمل مع فريقنا الأساسي بشغف و إخلاص.
حركة مناهضة العنصرية هي حركة شعبيّة أنشأتها جهات شبابيّة ناشطة في لبنان بالتعاون مع عمّال وعاملات أجانب. نعمل معًا في الحركة على توثيق الممارسات العنصرية والتحقيق فيها وفضحها ومحاربتها من خلال مبادرات وحملات عديدة. تمّ إطلاق حركة مناهضة العنصرية عام 2010 عقب حادثة وقعت في أحد أكثر المنتجعات البحرية الخاصّة المعروفة في بيروت.