24/07/2020
إثر تدهور الظروف الاقتصادية، فقد عددٌ غير مسبوق من العاملات والعمّال المهاجرات/ين مصادر دخلهم ولم يعودوا قادرين على دفع الإيجارات. أمّا بالنسبة للمالكين، فبالرغم من معرفتهم بالأوضاع الصعبة التي يعيشها العمّال المهاجرون، لا يزالون يُهدّدونهم بالإخلاء أو يقومون بطردهم تعسّفيًا وبالقوّة. ويُعزى ذلك في أغلب الحالات إلى أنّ الكثير من العمّال المهاجرين يضطرّون للاستئجار دون عقود خطّية مع المالك بحكم وضعهم القانوني، وفي أوقاتٍ أخرى بسبب عدم رغبة المالك في إبرام عقد. في الحالتين، يكون العمّال المهاجرون تحت رحمة سياسات وممارسات تهجيرية تعرّضهم لخطر التشرّد.
مع أنّ الحكومة اللبنانية اعتمدت شعار "البقاء في المنزل" كإجرائها الرئيسيّ لمكافحة وباء كورونا (ناهيكم عن الحملة الإعلامية "خلّيك بالبيت")، فقد تُرك المالكون بدورهم أحرارًا لتحديد مصير المستأجرين دون أيّ حسيب أو رقيب. حتّى في خضمّ أزمة صحيّة عالمية وانهيار اقتصادي غير مسبوق، لا يزال حقّ السكن غير محميّ لغالبية المستأجرين، بالرغم من المعاهدات الدولية التي صدّق عليها لبنان والتي تضمن حقّ السكن للجميع.
منذ مطلع شهر نيسان الفائت، تلقّت حركة مناهضة العنصرية 446 مكالمة من عمّال مهاجرين من مختلف الجنسيات، للتبليغ عن تلقّيهم تهديدات بالطرد من منازلهم من قبل المالكين، وفي بعض الحالات من قبل وكلاء العقارات. بالشراكة مع مرصد السكنالتابع لاستديو «أشغال عامّة»، قامت حركة مناهضة العنصرية بتقييم 151 من هذه المكالمات حتى الآن. تمّ حلّ 27 حالة بشكل كامل أو جزئيّ، وذلك عبر التفاوض مع المالكين أو تسديد بدل الإيجار من خلال التبرّعات الفردية. تمّ مساعدة 18 حالة تلقّت تهديدات غير مباشرة، حيث عُمل على تزويدها بالطرق اللازمة وبالإرشادات الملائمة لمواجهة التهديدات بالإخلاء والتصدّي للمالكين. لا تزال 93 حالة قيد النظر، إمّا بانتظار القرار النهائي لمالكي المنازل أو بسبب إحالتهم إلى المفوضية السامية في الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين كونهم لاجئين أو طالبي لجوء. أمّا الحالات الـ13 المتبقية، فللأسف وبالرغم من محاولات تدخلنا قد تمّ إخلاؤهم تعسّفيًا.
بموجب القانون، يجدر بعمليات الإخلاء أن تتّبع الإجراءات القانونية التي توجب المالك بالحصول على أمرٍ قضائيّ من المحكمة بالإخلاء، مصحوبًا بإنذار مسبق يعطي مهلة كافية للمستأجر كي يجد منزلًا آخر. ينطبق هذا الشرط على جميع عمليات الإخلاء، بغضّ النظر عن عدم وجود عقد إيجار مكتوب أو عن صلاحية عقد الإيجار الموجود، أو صلاحية إقامة المستأجر إذا كان غير لبناني. في جميع الحالات التي تواصلت معنا، لم تلتزم عملية الإخلاء بهذه الموجبات مما يجّردها من أيّ صفة قانونية. فدائمًا ما يقوم المالكون بتنفيذ الإخلاء بالقوّة وعادةً ما يلجأون إلى العنف الجسدي، أو تغيير قفل المنزل، أو حتى الرمي بممتلكات المستأجرين في الشارع. في حال اختار المالك عدم طرد المستأجر، يوضَع الأخير تحت رحمة أساليب صاحب منزله الاضطهادية وسلوكياته التعسّفية، مثل قطع الكهرباء والماء عنوةً، ومصادرة أوراق المستأجر وممتلكاته مقابل بدل الإيجار، من بين مضايقاتٍ أخرى.
في 22 نيسان، قامت حركة مناهضة العنصرية ومرصد السكن، بالإضافة إلى 19 منظّمة ومجموعات ناشطات وناشطين، بتوجيه رسالة إلى رئيس الوزراء وكلٍّ من وزراء الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية، مطالبةً فيها باتخاذ خطوات عاجلة وملموسة لوقف عمليات الإخلاء التعسّفية وتوفير الحماية القانونية للعمّال المهاجرين. في 8 أيّار الماضي، أقرّ مجلس النوّاب قانون تعليق المهل وتحصيل الإيجارات المستحقّة، وذلك من تاريخ 18 تشرين الأوّل 2019 حتّى 30 تمّوز 2020 ضمنًا. هذا يعني أنّ المستأجرين سيضطرّون إلى دفع كلّ المبالغ المستحقة عليهم بعد 30 تموز، وهو أمر مثير للقلق للكثير من المتضرّرين من الأزمة وغير القادرين على تأمين المبالغ، بما في ذلك العمّال المهاجرين. بالرغم من هذا القانون الذي كان يمكن استخدامه لوقف عمليات الإخلاء موقّتًا، استمرّ المالكون بطرد المستأجرين من منازلهم دون أيّ مساءلة. ومعظم العمّال المهاجرين الذين لا يعيشون مع أصحاب عملهم في نفس المنزل لا يحملون أي وثائق، مما يجعلهم أكثر عرضةً للاعتقال أو حتى للترحيل.
إزاء هذا الواقع المرير، نطالب بوضع حدّ لممارسات المالكين التمييزية وغير القانونية بحقّ العّمال المهاجرين، وباستجابة الحكومة اللبنانية فورًا لمطالب وضع سياسات سكنية عادلة للمواطنين/ات والمقيمين/ات على حدٍّ سواء.
كما نطالب وزارة العدل بتطبيق الإجراءات القانونية للإخلاء والتي تحفظ وتصون حقّ المستأجر في السكن، في ظلّ هذه الأزمة الصحّية العالمية والإنهيار المالي وبرصد عمليات الإخلاء غير القانونية التي تحدث وتنفيذ العقوبات اللازمة. في غياب أيّ سياسة سكنية غير القروض، نطالب أيضًا وزارة الداخلية بتطبيق إجراءات الإخلاء القانونية التي تحفظ حقّ المستأجر في السكن، بعقد أو دون عقد، خصوصًا أنّ عددًا كبيرًا من المالكين يستغلّون المستأجرين الذين لا خيار لهم سوى أن يستأجروا توافقيًا بشكل شفهيّ أو بطرقٍ غير قانونية.
المنظّمات الموقّعة:
حركة مناهضة العنصرية
استديو أشغال عامّة
للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.
نعمل في حركة مناهضة العنصرية بجهد على العديد من النشاطات والمبادرات المختلفة. معظم نشاطنا تعدّ في الإمكان بفضل فريق من المتطوعين/ات يعمل مع فريقنا الأساسي بشغف و إخلاص.
حركة مناهضة العنصرية هي حركة شعبيّة أنشأتها جهات شبابيّة ناشطة في لبنان بالتعاون مع عمّال وعاملات أجانب. نعمل معًا في الحركة على توثيق الممارسات العنصرية والتحقيق فيها وفضحها ومحاربتها من خلال مبادرات وحملات عديدة. تمّ إطلاق حركة مناهضة العنصرية عام 2010 عقب حادثة وقعت في أحد أكثر المنتجعات البحرية الخاصّة المعروفة في بيروت.