06/07/2022
شَهِدنا خِلالَ الأسابيع الماضية أساليبَ جديدة وخطيرة للتفرقة اتّبعتها النخبة الحاكمة في لبنان، والتي تمهّد لإعادة خلق دولة أكثرَ شراسةِ ضدَّ اللاجئين/ات، والمهاجرين/ات، والأفراد الكويريين/ات وغير النمطيين/ات، والنساء والطبقة العاملة من مختلف الخلفيات.
في غضونِ أسابيع، دَعَت شخصياتٌ دينية ومسؤولونَ في الحكومة إلى ترحيلِ اللاجئين/ات السوريين/ات مِن لبنان تَحتَ شعارٍِ كاذبٍ يدّعي أنّ وجودهم على الأراضي اللبنانية هو السبب في الانهيار الاقتصادي الحالي. تلت ذلك أخبار بتوقيف أشخاص سوريين على حواجز في بيروت وصيدا بزعم انتهاء صلاحية الإقامات وإجازات العمل، ووعود من مسؤولين بإعادة قسرية لخمسة عشر ألف سوريّ/ة شهرياً. أمّا الحديث المستمرّ عن أنّ العودة “آمنة” إلى سوريا فهو غير صحيح بل مميت ولا أساس له.
وبعد بضعة أيّام، أرسل وزير الداخلية والبلديات رسالة إلى المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامّة للأمن العامّ لمنع إقامة كلّ الفعاليات واللقاءات المنظَّمة من قبل أو لأفراد مجتمع الميم. ممّا أسفر عن موجة من الكراهية والتهديدات والتمييز من قبل الشخصيات الدينية ووسائل الإعلام التقليدية والسائدة، وأدّى إلى المزيد من الخوف والقلق والعزلة لفئات هي بالفعل مهمّشة.
هذه الوقائع ليست الأولى من نوعها، بل تأتي في وقتٍ يفرض فيه النظام احد أقسى الإجراءات الاقتصادية في تاريخه: دَوْلَرة قطاع الاتصالات. استنكر كثيرون وشددوا بضرر هذا الإجراء على الفئات المهمشة التي يعتمد تواصلها مع العالم الخارجي ومع أشخاص أمنة على هذه الوسيلة. هذا الإجراء ضاعف التكلفة سبعَ مراتِ بين ليلةٍ وضحاها. يعدُّ الوصول إلى شبكة الإنترنت مسألةَ حياة أو موت للكثير من المجتمعات في لبنان. لذلك، هذا الأمر يأتي كضربة أخيرة إلى الطبقة العاملة التي بالكاد تستطيع النجاة من أزمة الخبز وتكاليف التنقل المتزايدة و قطاعي الطب والكهرباء العاطلين عن العمل كليّاً.
المجتمع الدولي غير معفٍ عن مسؤولياته، لأن الدول الأوروبية توظِّف هذا النوع من الخطاب والممارسات لتبرير إجراءاتها العنصرية والتي تشكّل خطراً على الحياة. فقد جاءت الملاحقة التي طالت السوريين/ات في لبنان بعد مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، طالبت خلاله البعثة اللبنانية بمبلغ 30 مليار دولار أمريكي “كتعويضات عن نفقة الاستضافة للسوريين.” ننوه هنا أن هذا الطلب هو ليس لتقديم مساعدة “لاستضافة السوريين” بل هو من أجلِ ترحيلهم، الأمر الذي يمنع هجرتهم إلى أوروبا وهذه بطاقة ابتزاز تُستَعمَل عادةً للوصول إلى المزيد من التمويل.
لطالما استخدمت الدولة اللبنانية عبر السنوات نفس الأدوات لنشر المعلومات الخاطئة والخوف لتبرير العنف المتكرّر الممنهج ضدّ الفئات الاجتماعية المهمّشة. بهدف تحويل الخطاب والنقاش العامّ بعيداً عن فشلهم الدائم بإدارة الأزمة، يقوم المسؤولون والسياسيون بنشر أرقام مبالغ بها ومتضاربة حول أزمة “شحّ الدولارات” عبر استعمال اللاجئين/ات السوريين/ات والعمّال المهاجرين/ات ككبش محرقة للانهيار الاقتصادي. وفي جهود مشابهة، تستعمل الطبقة الحاكمة الذعر الأخلاقي كوسيلة للحصول على دعم المجتمع واستعادة شعبيتها.
لقد قامت، ولا تزال تقوم، العديد من البلديات بذكر “الحدّ من السرقات” ومن “الأذى العامّ” عند فرض منع التجوّل على اللاجئين/ات. كما تذكر “العادات والتقاليد” عند فرض إجراءات تضييق على الأفراد الكويريين/غير النمطيين/ات. تنشر هذه الممارسات حسّا عامّاً بقبول مجتمعي صارخ بالعنصرية ورهاب المثلية، ممّا يؤدّي لتفشّي جرائم الكراهية دون أيّ نوع من المحاسبة.
تواصل الدولة اللبنانية نشر الخوف من الآخر فيما طبعاً تغضّ النظر عن الجرائم المرتكبة ضدّ النساء وسائر الأقلّيّات كاللاجئين/ات والعمّال المهاجرين/ات. في الأسابيع الأخيرة فقط، اكتُشفت عدّة جرائم وتعدّيات جدّية وخطيرة لم يتمّ محاسبة مرتكبيها أو التطرّق إليها. بين اغتصاب وعنف أسري و التعذيب العلني لللاجئين وتعدّيات مستمرّة على عاملات منزليات مهاجرات.
لذلك، نؤمن و بشدَة بضرورة التوحد والتنظيم مع حلفائنا في كل مكان بوجه استراتيجيات التفرقة والخضوع، و نناشد بضرورة ما يلي:
للاستعلام عن هذا البيان والسياق ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني أو املأ النموذج.
نعمل في حركة مناهضة العنصرية بجهد على العديد من النشاطات والمبادرات المختلفة. معظم نشاطنا تعدّ في الإمكان بفضل فريق من المتطوعين/ات يعمل مع فريقنا الأساسي بشغف و إخلاص.
حركة مناهضة العنصرية هي حركة شعبيّة أنشأتها جهات شبابيّة ناشطة في لبنان بالتعاون مع عمّال وعاملات أجانب. نعمل معًا في الحركة على توثيق الممارسات العنصرية والتحقيق فيها وفضحها ومحاربتها من خلال مبادرات وحملات عديدة. تمّ إطلاق حركة مناهضة العنصرية عام 2010 عقب حادثة وقعت في أحد أكثر المنتجعات البحرية الخاصّة المعروفة في بيروت.