ضربها لبنانييون، إعتقلت إلى أن رحلتها المديرية العامة للأمن العام

مناصرة الحالات

ضربها لبنانييون، إعتقلت إلى أن رحلتها المديرية العامة للأمن العام

قرار الترحيل. بعد تعرضها وصديقتها للاعتداء وللضرب المبرح من قبل لبنانيين من بينهم عسكري في برج حمود في 17 حزيران. وقد تقدمت الناجيتان بدعوى أمام المحكمة العسكرية ضد المجموعة المعتدية. إلا أن نظام الكفالة المعمول به في لبنان يحرم الآلف من الحماية القانونية، فعوضا" أن تحصل شاميلا على العدالة عوملت كمجرمة لعدم حيازتها على إقامة صالحة. إن كنت/ي تسمع/ي عن هذه القصة لأول مرة، شاهد فيديو الذي يظهر الإعتداء هنا، وبيانات حركة مناهضة العنصرية السابقة هنا و هنا.

قضية شاميلا

إن تجربة شاميلا مع الاعتداء العنصري والجنسي والطبقي، بالتأكيد ليست قصة منعزلة أو فريدة من نوعها، بل تحاكي يوميات العنف غير المبرر ضد المرأة المهاجرة والسوداء في لبنان وهي ليست إلا إنعكاس لنظام الكفالة القائم الذي يتيح ويشكل بحد ذاته عنفا على العاملات المهاجرات في لبنان. لقد سمعنا العديد من القصص من نساء مهاجرات أخريات تتعلق بالاعتداءات التي واجهتهن داخل وخارج برج حمود. في الواقع، بعد بضعة أيام فقط من الهجوم الذي تعرضت له شاميلا وصديقتها، تعرضت امرأة أفريقية أخرى للهجوم والضرب على يد رجل في الشارع نفسه. الفرق الوحيد بين هذه الحوادث هو أن الهجوم الذي تعرضت له شاميلا تم تصويره وتمت مشاركة الفيديو على نطاق واسع، في حين أن الكثير من الشهادات الأخرى تبقى غير موثقة بسبب سياسة التسكيت المعتمدة بوجه العاملات والتي تبرز سيما عبر سياسة الترحيل الممنهجة المعتمدة من المديرية العامة للأمن العام.

ذكرت شاميلا وصديقتها أنهما عندما حاولتا الاحتماء من الضرب في المتاجر القريبة، منعتا من الدخول ووصفتا بال "عاهرات" وتركتا في الخارج لمواجهة حكم الحشد الغاضب. لكن لما كان الحشد غاضباً؟ لماذا قرر المشاة والمارة المشاركة في الضرب والاعتداء على نساء لم يسبق لهم مقابلتهن؟ ما المعيب في وجود نساء سود من الطبقة العاملة تمشين في الحي في وضح النهار؟ أكانت مرتاحة للغاية في المشي؟ غير خائفة بما فيه الكفاية؟ هل أزعجت سلوكياتها "الجمهور"؟ هل كانت ملابسها غير ملائمة؟ أم أن لا مكان لهن سواء في المنزل مكان العمل ؟

نزع الصفة الإنسانية عن المهاجرات والتحرش بهن

عندما تتواجد النساء ذات الهوية الجندرية المعيارية أو النساء العابرات للجنس في مكان عام، سواء كنّ لاجئات أو مهاجرات أو لبنانيات، غالباً ما يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل الرجال. يحدث هذا في جميع ساعات اليوم، بغض النظر عمّا ترتديه النساء، على الرغم من أن الملابس غير المحتشمة تعتبر بشكل ظالم كدعوة للتحرش. حماية المرأة من هذا النوع من التحرش والعنف ليست أولوية أو اهتمام أو ممارسة لدى الدولة. لذلك يقتصر نطاق الحماية على المهاجم الذي يخشى احتمال وقوع أعمال انتقامية إذا بدت المرأة من عائلة غنية أو من أسرة "محترمة". لذلك يعلم المعتدي بأنه غالباً ما تواجه المهاجرات واللاجئات عنفا من الدولة من خلال الاعتقال التعسفي والسجن والترحيل، ويعلم أن السلطة والقضاء لن يقفا ضده أو يضعا له حدا، بل يلعبان دورا فعالا" في تهميش المهاجرين والنساء المهاجرات تحديدا.

حتى عندما يكون للمهاجرات الحق القانوني من الناحية الفنية في تقديم شكوى أو الذهاب إلى الشرطة ، فنادراً ما يمكنهن فعل ذلك في الواقع. لا يزال النظام القضائي بعيد المنال إلى حد كبير بسبب التكلفة والوقت والبيروقراطية وعنف الشرطة والمواقف العنصرية وقيود نظام الكفالة على حرية تنقل العمال والوصول إلى الموارد.

ولذلك نشدد أن أجساد النساء ذوات البشرة الداكنة،على الصعيدين المحلي والعالمي، وخاصة النساء الفقيرات ومن الطبقات العاملة، ينظر لها من مقاربة عنصرية وكارهة (للنساء)، على أنها فاحشة، وحشية، عدوانية، سوقِيّة، وجنسية. هذا التجريد من الإنسانية يؤدي مباشرة إلى المزيد من الاستغلال والعنف. بالاضافة إلى ذلك، نؤكد أن النساء المهاجرات، سواء كانت إقامتهن قانونية أو غير قانونية في لبنان، يواجهن كما هائلا من العنف والتضييق والابتزاز الاقتصادي، في الأماكن العامة وكذلك في أماكن عملهن الذي هو أيضاً مكان عيشهن، بسبب نظام الكفالة الجائر الذي تؤيده الدولة.

يساهم نظام الكفالة في تجريد شاميلا- ومعها 300 ألف امرأة أخرى تعيش الحالة نفسها في لبنان- من إنسانيتها. هو يحرمهن من حقوقهن الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الدفاع عن أنفسهن ضد الاعتقال والاحتجاز التعسفي. ويجرمهن خلال مواجهة سوء المعاملة من جانب أصحاب العمل أو حتى من رجال في الشارع. المرأة العاملة هي تقريباً دائماً على خطأ وكفيلها دائماً على حق. وكما يتبين في الفيديو، يمكن لمثل هؤلاء الرجال أن يتخذوا بسهولة موقف المواطن الملتزم بالقانون الذي يحاسب المخطئين. اعتقل شخصين لبنانيين بتهمة المشاركة في الإشكال، وليس كمعتدين. كما نتساءل بشأن محاسبة بقية الأشخاص الذين شاركوا بالاعتداء، وأولئك الذين رفضوا المساعدة، والذين يأخذون موقفا سلبيا عندما يصادفون مثل هذه الاعتداءات؟

ترحيل شاميلا

بغض النظر عما كانت ترتديه شاميلا، وكيف كانت تسير، وماذا قالت، أو إذا كانت أوراقها شرعية أم لا، كان لها الحق بالبقاء في لبنان، على الأقل حتى انتهاء محاكمتها. كنا نأمل أن تتمكن من استخدام هذا الوقت للتفاوض على إطلاق سراحها من كفيلها السابق الذي لم يعطيها كافة حقوقها، وصادر جواز سفرها وأوراقها الثبوتية. لكن كفيلها السابق طلب مبلغ 2500-3000 دولار لاعادتهما اليها، ثم رفض في النهاية القيام بذلك، بل وساهم في ترحيلها الى كينيا, وذلك بسبب رفضه المطلق "بالتنازل" عنها لكفيل آخر. يمنح نظام الكفالة السلطة الكاملة لأصحاب العمل بالتحكم بمصير العاملات، وفي حالة شاميلا، تسبب ذلك بالمزيد من العنف لها وبحرمانها ليس فقط من حقها في الدفاع والحصول على محاكمة عادلة وتحصيل حقوقها المهدورة أو جزء منها على الأقل، إنما يمنعها حتى من المثول أمام المحكمة لتتمكن من رواية شهادتها.

تم ترحيل شاميلا من دون أموالها أو حتى هاتفها الذي سرق منها أثناء الاعتداء. لم يكن لديها المال حتى لكي تستقل سيارة أجرة من المطار في نيروبي. هذا هو حال معظم اللواتي يتم ترحيلهم/ن بعد أخذهم/ن من مركز الاحتجاز في الأمن العام مباشرة إلى المطار دون السماح لهم/ن بتجميع ممتلكاتهم/ن قبل مغادرة البلاد.

دعوة للعمل: محاسبة الأمن العام

لم تكن أسابيع من العمل من قبل المحامين/ات والناشطين/ات، وتسليط الضوء من قبل وسائل الإعلام المحلية والدولية، ومناشدات الأمم المتحدة، والأهم من ذلك أن جهود شاميلا نفسها كافية لحماية شاميلا من الترحيل وهذا يعود إلى بنية نظام الكفالة القمعي الذي "يسمو" للأسف على حقوق الإنسان الأساسية في لبنان. على المديرية العامة للأمن العام أن تتوقف فورا عن ممارستها الاستنسابية والتعسفية تجاه العاملات المهاجرات والمتمثلة بترحيلهن الممنهج، كما نطالب بمحاسبة ومساءلة الوزارة الوصية على المديرية العام على دورها في السماح بذلك.

المنظمات الموقّعة:

مشروع الألف

صوت النسوة

The Knowledge Workshop

حركة مناهضة العنصرية

شارك هذا :